ليبرلاند...الحلم الكاذب

كُتبت بواسطة
فى وطننا العربى عامة وفى مصر خاصة 
عندما يكون التنديد بمذبحة هو انتماء للإرهاب 
عندما يتخرج الشاب من الجامعة ليجلس على المقهى 
عندما يتبدل الحال بين الأصحاب و الأحباب فى ثانية واحدة إلى خصوم وأعداء بسبب آراء سياسية وأحياناً عقائدية غير صحيحة
وعندما يكون للكلاب حقوق أكبر من حقوق البنى آدميين 
وعندما تتدنى أخلاق وأفكار وأحلام البشر 
وعنما يفقد الصالحون أى أمل فى الإصلاح والتنمية 
وعندما تجد أن معظم المؤسسات الخيرية والتنموية لا تفعل شئ سوى استنزاف قدرات الشباب دون جدوى 

فلا بد أن تجد أقصى أحلام الشباب هى تذكرة سفر تخلصهم من هذه المعاناة 
وعندما أعلن فيت جيديلكا عن إنشاء دولة ليبرلاند وعنما انفجرت الفقاعة الإعلامية حولها محدثة ضجة ضخمة سمعها القاصى والدانى ، فمن الطبيعى أن تجد الشباب العربى هو أول من يسارع إلى هذه الدولة الجديدة الناشئة التى تحمل رسالة الاحترام والحرية والتعايش .
أنا لا أجزم بحقيقة ليبرلاند وما إذا كانت ستتواجد على الحقيقة أم أنها مجرد أكذوبة لا هدف منها سوى أن تجنى الشهرة .
فهذه كما تعلم ليست أول مرة يعلن شخص غريب عن قيام دولة فى منطقة غير معترف بها ضمن الحدود الجغرافية لأى دولة أخرى ، فقد حدث موقف قريب لذلك فى مكان اقرب بكثير من كرواتيا وصربيا فى وسط أوروبا ، حدث ذلك فى منطقة بير طويل ( مساحتها 2 كم مربع تقريباً ) من قبل بين مصر والسودان الغير معترف بها ضمن الحدود الجغرافية لأى من الدولتين عندما نصب رجل أمريكى نفسه ملكاً على هذه المنطقة ويقال بأنه صك لها عملة .
الشئ الهام الذى يجب علينا أن نطرق عليه الباب هنا هو ما الذى يجعل شباب الأمة على أتم الاستعداد للذهاب إلى دولة غير معترف بها كما أنها عبارة عن أرض خالية لا تحتوى على شئ سوى الأشجار ؟
السبب الحقيقى هو إهمال الحكومات لهم و الواقع المرير الذى نعيش فيه 
هذا سبب كافى لجعل أى شخص يرغب فى السفر لأى مكان دون الاستمتاع بخيرات الوطن وما فيه من ثمرات وهذا بكل بساطة لأنها منهوبة من قبل أشخاص لا تهتم إلا بمصلحتها الشخصية وما الذى سينصب فى جيوبهم فى النهاية .
ما الذى يجعل شخص يرغب وبشدة فى الذهاب إلى منطقة خالية مساحتها 7 كم مربع لا يوجد بها أى شئ سوى الأشجار كما أنها منطقة صعب السكن فيها لأنها منطقة فياضانات ؟
والغريب كم العرب الذين ستجدهم فى جروبات هذه الدولة وفى المنتدى العربى الموجود فى موقع الدولة .
أنا عن نفسى بدافع الفضول انخرطت فى معظم هذه الصفحات والجروبات لأشاهد كم البؤس الذى وصلنا إليه ، كما أننى أرسلت رسالة إلى الرئيس المدعو جيدليكا على الفيس بوك أسأله بعض الأسئلة ولكن لم تأتى الإجابة كما توقعت ، فكيف لدولة تدعى اهتمامها بالحرية والاحترام المتبادل ألا يجيب رئيسها على الاسئلة المرسلة إليه على الفيس بوك ؟

رسالتى لرئيس ليبرلاند
إعذرونى على إنجليزيتى الضعيفة
وإليكم الاسئلة بالعربية
ماهى الموارد فى هذه الدولة ؟ 
كيف يتوقع الشباب العربى الذهاب إلى دولة ( لم تبنى بعد ) ولا تحتوى على أى موارد سوى أخشاب الأشجار التى يجب إزالتها حتى تبنى أى بناء ! لو كان الشباب لديهم الاستعداد للذهاب وبناء هذه الدولة و العمل على توليد موارد لها من اللا شئ فلماذا لا تعمل حكوماتنا المتحججة بمحاربة الإرهاب المصطنع الذى سيتحول إلى حقيقة لو لم يتنبهوا إلى المشكلة الحقيقية ويتوقفوا عن تقزيم الأوضاع .

كيف سيواجه مشاكل مثل الإسكان ؟ 
الإسكان والبطالة و معظم هذه المشاكل التى تواجه الدول العظمى كيف ستتغلب عليها هذه الدولة المسكينة التى لم تبنى بعد ولم يوضع فيها حجر التى يرغب الشباب فى السفر إليها مع العلم بأن مساحتها 7كم مربع فقط !
ناطحات السحاب ربما ؟
ولكن تواجهنا مشكلة أخرى فى السؤال التالى

الضرائب " اختيارية " ( طبقاً لأحد تصريحات جيلديكا ) فكيف يمكن تمويل أى من المشروعات فى هذه الدولة ؟
شئ غريب حقاً فلو قامت المشاريع القومية لهذه الدولة على التبرعات الآتية من الشركات التجارية فكيف سيكون التحكم فى قرارات هذه الدولة ، وما المقابل ؟

كيف يمكن لأى شخص الهجرة إلى ليبرلاند ؟ ومتى ؟
كيف ستذهب إلى ليبرلاند ؟ هل ستذهب إليها بالطائرة ؟ أم بالقطار ؟
دولة تقع فى منطقة تقع بين دولتين النزاع بينهما له تاريخ طويل ، كيف تتوقع الذهاب إليها وهى لم يعترف بها من أى منهما بعد ؟ بالإضافة إلى أن هذه الدولة عملتها مشكوك فى مصدرها وهى عملة تسمى بالبيتكوين .

هل هناك اى شركات فى الدولة بعد ؟ وكيف تؤسس واحدة أو تنضم إلى واحدة ؟
سؤال لابد لك أن تطرحه قبل أن تفكر فى السفر ، فكما تعلم .. إذا كنت ترغب فى السفر رغبة منك فى ان تحيا حياة كريمة فكيف ستحصل على وظيفة تحصل منها على لقمة عيشك ؟ أو كيف ستؤسس شركة لتدير عمل تحيا منه حياة كريمة ؟

هل جيدليكا سيسمح بانتخاب رئيس غيره ؟
هذا لا يبدو لمن يحلم فى الحصول على السلطة أنه سيتحقق وذلك لأن الرئيس جيدليكا لا ينتوى ترك منصبه بإمكانك قراءة مسودة الدستور الليبرلاندى لتفهم ما أعنيه .

ما الذى ستقدمه ليبرلاند لمواطنيها ؟
سؤال يجب عليك أن تطرحه فأنت فى بلدك هذه لديك مكان تنام فيه ولديك أمن تنعم به ( وإن كان مهدداً ) ولديك أرض واسعة تسرح فيها وتبحث عن حياة كريمة ، فما الذى تقدمه لك ليبرلاند ويجعلك ترغب فى السفر إليها رغبة شديدة ؟
أنا سأخبرك ما الذى تقدمه لك ، هى تقدم لك وهم الحرية ، فكيف تظن أنك ستعيش حراً فى مكان لا تعرف فيه أحد ولا تعرف ما الذى ستعمله فيه ، ولا تعرف من الذى يموله .

لو أنى فقير وأرغب فى أن أكون ليبرلاندى ، فهل يمكن ؟ وكيف يمكننى ترك بلادى والسفر لليبرلاند ؟
يجب عليك أن تسأل هذا السؤال فلو أنك فقير وهذا ما انت عليه ربما ، لأنك لو غنى لما رغبت فى السفر من بلادنا التى تقدم تسهيلات وسلطات خيالية للأغنياء ، فلو أنك فقير ما الذى ستستفيده منك هذه الدولة الناشئة ؟
وكيف يمكنك ترك بلادك والسفر غلى ليبر لاند ؟
هذا سؤال سهل الإجابة عليه فلو أردت أن تسافر لليبرلاند فبإمكانك السفر إلى صربيا أو كرواتيا ومنهما إلى ليبرلاند طبعاً .
أنا أمزح بالتأكيد ، لو أنك فقير فكيف ستسافر أصلا إلى هناك ؟
الشئ الوحيد الممكن هو ان ترسل لك الدولة طائرة خاصة تنقلك إليها ، ولكن ما الذى جعلك بهذه الأهمية حتى يرسلوا إليك طائرة خاصة ؟ إذا لم تكن لك أهمية فى بلادك فهل ستتوقع أنك ستكون صاحب أهمية فى بلاد غريبة دون أن تجتهد وتتعب ؟

أنا لا أحترم الجميع ؟ فهل يمكن أن أكون ليبرلاندى ؟ 
أنا لا أحترم القاتل أو الكاذب ، فى الحقيقة شروط الحصول على الجنسية الليبرلاندية لا تمنع القاتل من الحصول عليها ، فبإمكانك بكل بساطة أن تجد إسرائيلى يتفاخر بقتله للأطفال الفلسطينيين ويذهب إلى ليبرلاند بإمكانك أن تجد قتلة من كل الأنواع والأجناس فى ليبرلاند ولكنهم لم يدانوا بجريمة القتل لأنها شرعية فى بلادهم ولن يمنعهم ذلك من أن يكونوا ليبرلانديين .
لا يوجد أحد يحترم الجميع ، إذا كنت شخص غير محترم ولا تحترمنى وأفعالك وأقوالك تقرر ذلك ، فأنا لن أحترمك بالضرورة وهذا الشئ مسلم به . فدعنى أسألك سؤال هل أنت حقاً تحترم الجميع ؟
لو كنت كذلك فأنت تنطبق عليك أحد شروط القبول كليبرلاندى .

لو كانت هناك حرب فماذا ستفعل ؟
لو أنك بالفعل ذهبت إلى ليبرلاند وحدثت حرب وهذا وارد فأنت تقع بين دولتين لهما تاريخ من النزاع الطويل ، وقد تؤخذ فى خضم هذه النزاعات ، فماذا سيكون تصرفك وانت فى دولة لا جيش لها حسب تصريحات جيدليكا ؟
هل ستحمل السلاح لتدافع عن دولة صغيرة فى منطقة يسهل اجتياحها وانت لا تنتمى لها  ؟

وأخيراً
برغم من أننى أرغب فى السفر والتفسح والعمل فى بلاد الله ولكن لا بد لى من عودة إلى بلادى مرة أخرى ( لأدفن فيها ) ولكن تذكر بأن دولة بلا ماضى هى دولة بلا مستقبل وإن وجدت على أرض الواقع ولكنها ستختفى بعد فترة كما قامت ، وهناك دول أخرى تستحق السفر إليها غير ليبرلاند .
وأدعوكم إلى بذل المجهود لأجل تحقيق الذات والوصول إلى أحلامكم وتحقيقها على أرض الواقع . ويوفقكم الله ويوفقكم .

همسة
أسألكم الدعاء لأصحاب هذه المدونة ( أحمد كمال ، أحمد ياسر ، عبد الله أحمد ، محمد مرزوق ) بالتوفيق فكما تعلمون أننا فى الثانوية العامة ، وترقبوا التدوينات القادمة فى شهر 7 بإذن الله .

ولا تنسى ترك تعليق يوضح رأيك

شارك هذا الموضوع

شجعنا بتعليقك

أحدث مواضيع إفهمنى

حبايبنا

بإيدك تغير

إفهمنى