الحرية ثمنها الحرية
بعد أن أصبحت رئيسة إتحاد الثورة كان أول قراراتى هو حل هذا الإتحاد وإنشاء ما يسمى بـالسرب و كل من زاروا بيتى فى ذلك اليوم شكلوا ما يسمى مجلس حكماء السرب ، فأصبح لكل شخص فيهم وظيفة تناسب خبراته ، فمنهم من كان يبحث عن الشبان المثابرين الذين يرغبون فى إحداث تغيير لينضموا إلى السرب ، وآخر كان يعمل على التدريب و آخرون يشرفون على التدريب ، وآخرون تقنيون ، و هكذا ... فلم يكن هناك شخص فيهم بلا وظيفة تناسبه فى السرب .
وبعد سنة من الجد والمثابرة إستطعنا أن نكون جيشا يتكون من 1000 مقاتل ، كلهم يجيدون العديد من الفنون القتالية ويجيدون القتال والحرب ، وكلهم لديهم حيوانات الـفيرز المروضة الخاصة بهم ، وبناء مقر رائع وضخم ومهول جزء منه تحت الماء وجزء منه تحت الأرض والجزء الآخر يبرز خارج الماء فى إحدى البرك المحاطة بالأشجار الكثيفة والتلال التى تجعل من المستحيل رؤيته أو إكتشاف مكانها على الرغم من حجمها الكبير ومساحتها الضخمة .
وكنت قد خططت مع مجلس حكماء السرب خطة تهدف إلى تحرير المستعمرة من قبضة الإتحاد وتحرير الكوكب بأكمله ليكون مقرا للثوار و ملاذاً لأعداء عاطف .
فى خارج مدينة نڤر ناحية الشمال توجد 10 قواعد عسكرية كل واحدة منها تحتوى على 5000 مقاتل وتحتوى على 3000 آلية حربية و15 سفينة فضائية حربية ، وحامية مدينة نڤر تصل إلى 10000 مقاتل وداخل المدينة المحصنة جيدا توجد 7000 آلية حربية و مطار للسفن الفضائية يحتوى على 100 سفينة تجارية و 50 سفينة حربية و 30 سفينة نقل وذلك فى يوم هادئ ، وقرى مدينة نڤر ال20 فى الجنوب تحتوى الواحدة منها على 1000 مقاتل وكل مقاتل لديه الآلية الحربية الخاصة به .
يجب أن تكون الخطة معجزة حتى نستطيع التغلب على كل هذا فقط ب 1000 مقاتل وحيواناتهم القوية ، هذا تحد صعب ، ولكن فى الحقيقة الخطة كانت معدة للحفاظ على الآليات الحربية وأسر أكبر عدد من المقاتلين ، وإذا كنت قد درست جغرافية المنطقة المحيطة بالمستعمرة فستجد أن المستعمرة تحدها من الجنوب غابة جنوبية تمتد حتى المحيط و يحدها من الشمال صحراء يعيش فيها البدو والحيوانات المتوحشة و تتخللها بعض الواحات وإحدى هذه الواحات قد إتخذها عاطف إستراحة له ، وتمتد هى الاخرى حتى المحيط و خلف المحيط الجنوبى توجد قارات غير مأهولة وكذلك الأمر فى المحيط الشمالى والشرقى والغربى ، ويحد المستعمرة من الشرق المحيط الشرقى و يحدها من الغرب الأدغال الغربية وهى مناطق متقطعة تختلط فيها مظاهر الغابة بمظاهر الصحراء وتصل بين الصحراء الشمالية والغابة الجنوبية و من خلفها يوجد المحيط الغربى ، و لذلك فقد أصدرت الأوامر إلى السرب بترويض أكبر عدد ممكن من حيوانات الـفيرز التى لا تقطن إلا الغابة الجنوبية وبعض الواحات فى الصحراء وتوجد منها أعداد كبيرة ، فبذل المقاتلون أقصى جهدهم لإطاعة الأوامر فكان المقاتل الواحد يسرق من الأوكار 5 أشبال فى اليوم الواحد لترويضهم ، وعلى مدار أسبوع أصبح لدينا 50000 رضيع من هذه الحيوانات حتى أصبح المقر كله ممتلئ بأشبال هذه الحيوانات ولم يعد فى الغابة الجنوبية أى شبل ، فاستوحشت الـفيرز البرية وسارت تفترس كل ما تجده فى طريقها ، وتتهارج فيما بينها بشكل فظيع ،وتهجم على الجنود والمواطنين وتأكل حيوانات المزارعين و تفسد محاصيلهم ، فأُعلنت حالة الطوارئ فى القُرى لمدة سنة و شددت الحماية العسكرية على مدينة نڤر و سُحبت القوات من القرى فتركت بلا حماية فتعرض أهلها لخطر التعرض لهجوم من تلك الوحوش البرية فى أى وقت ، لذلك شد العديد منهم الرحال إلى المدينة ولم يبقى فى القرى سوى قلة قررت أن تختبئ فى المآوى منتظرة إنتهاء الكارثة ، ولك أن تتخيل ما أثاره ذلك من أزمة فى المستعمرة ، فلم يعد هناك أى محاصيل تذهب إلى المدينة ، و اتجهت المستعمرة إلى الإفلاس فى أول شهرين من هذه السنة ، لذلك صدر قانون التقشف الذى يمنع الفرد من تناول أكثر من وجبة واحدة فى اليوم و يقضى بأن يذهب كل الإنتاج إلى الخزنة إلا ذلك الذى يستهلكه الفرد قبل حصد الإنتاج كما منع تحرك أى سفينة عسكرية أو سفينة نقل من المطار ولم يسمح إلا بتحرك السفن التجارية .
و معظم القرى قد تولى الباقى من أهلها حمايتها بأنفسهم فأصبحوا يشيدون حولها الأسوار العالية القوية لعلها تنجح فى التصدى لغارات الحيوانات المستمرة ، وفى خلال ثلاث أشهر أصبحت القرى كلها محصنة بأسوار عالية بناها أهلها المساكين ولا يوجد بها مقاتل واحد ليحميها لأن المقاتلين كلهم قد ذهبوا إلى المدينة ، وفى خلال هذه الشهور الثلاثة كانت أشبال حيوانات الـفيرز قد نمت إلى سن البلوغ وأتمت تدريبها وترويضها ، وكانت الـفيرز البرية فى الغابة الجنوبية قد تمكنت نتيجة تهارجها العنيف وتناسلها بإسراف من إستيلاد جيل جديد من الحيوانات ، كما أن هناك مرض إنتشر فيما بينها يحدث نتيجة التناسل يدعى مرض الـغرع الذى يغير لون الحيوان من اللون الأبيض أو الأسود أو الأصفر- هذه هى الألوان الطبيعية التى تجدها لهذه الحيوانات - إلى اللون الأزرق الداكن أو الأحمر الداكن و يزيد من الصفات العدائية و الرغبة فى التناسل و سرعة الإستيلاد لدى هذه الحيوانات و الأمر المحزن أن الجيل الجديد بأكمله من هذه الحيوانات مصاب بهذا المرض ، لذلك فإن الغارات لن تتوقف حتى وإن وجد الأشبال ولهذا ، أطلقت الحامية العسكرية للمستعمرة والخاضعة لسلطة عاطف أوامرها بخروج حملات إبادة هذه الحيوانات ، لأن هذه الحيوانات لم تعد تجد فى القرى ما تدمره فاتجهت نحو المدينة فكانت تهاجم الجنود خارج أسوارها ، لذلك تصورت الحامية العسكرية أن القرى قد تدمرت تماما واجتاحتها الحيوانات ولم يخطر ببالها أنه قد توجد أى حياة بشرية خلف أسوار المدينة لذلك اتجهت لإنشاء قرى ومزارع فى الشمال ومنعت أى توجه نحو الجنوب حتى أن الجنود لم يكونوا يستطيعون عبور الأسوار الجنوبية لشدة خوفهم .
فى الحقيقة لم يكن أى من هذا ضمن الخطة ، فقد كانت الخطة تتضمن ترويض أكبر عدد ممكن من الحيوانات حتى نستغلها فى الهجوم على الجنود فى القرى واحتلال القرية تلو الأخرى حتى نصل إلى المدينة من الجنوب فندخلها خلسة ومنها نظل نحارب القواعد العسكرية حتى نستنزفها وندمرها ، ولكن على ما يبدو أن ما حدث دون توقعنا قد جعلنا نستفيق إلى وجوب إجراء الدراسات على الحيوانات قبل إقدامنا على خطوة كهذه ، ولكن وإن يكن فإن ما حدث كان أفضل من الخطة التى أعددناها بكثير وهذا شئ مريح حقاً .
بعد 6 أشهر زادت حيوانات الـفيرز بشكل رهيب فى الغابة الجنوبية وكادت ان تتسبب بكارثة بيئية لولا أن قمنا بحملات كبيرة لأسرها وإرسالها إلى جزيرة فى المحيط الجنوبى تدعى سيدر فقمنا بأسر الإناث بشكل كبير وأرسالهن إلى الجزيرة و إرسال عدد قليل من الذكور ، والعكس كان فى الغابة الجنوبية وبعد شهر من هذا الفعل قد تعافت معظم الحيوانات فى الجزيرة ، لا بد من أن الذكور كانوا سبب رئيسى فى انتشار المرض .
الجيد هو أن قدرة الحيوانات المتزايدة على الإستيلاد لم تتأثر بإختفاء المرض على الرغم من إختفاء باقى الأعراض ، وهذا كان شيئا جيداً فى الحقيقة فقد أصبحت هذه الجزيرة بمثابة مركز لترويض الـفيرز مما زاد من عدد الحيوانات المروضة لدينة لدرجة أن المقاتل الواحد كان يمتلك وحده أكثر من 1000 حيوان مروض ، فقمنا بتوسيع المقر من أجلها فأتسع ليشمل البحيرة بأكملها والتى تبلغ مساحتها 3 هكتارات من الأراضى ، فأصبح المقر مدينة قوية وعظيمة وهذا قد جعلنا نزيح الأشجار الكثيفة لنستخدمها فى البناء و الصناعة مما أتاح للقادم من الفضاء رؤية المدينة وهذا قد يسبب لنا المشاكل فيما بعد إذا تمكنت الحامية العسكرية من إبادة الحيوانات المستوحشة فعلياً .
فى خلال شهرين إنتقلت فرقنا ال20 التى تتكون الواحدة منهم من 50 مقاتل بحيواناتهم المروضة القوية إلى القرى لحمايتها و مساعدة أهلها على العيش دون خوف مرة أخرى فانتشرت الفرق داخل القرى ال20 ، فى البداية كان أهل القرى يخافون ويرتعدون ويرتعبون عندما يجدون رجالاً ونسائاً يمتطون تلك الحيوانات وقادمون إلى قريتهم لمساعدتهم فكانت القرى لا تفتح بوابات حصونها وتفضل البقاء داخل المدينة فهم داخل المدينة يزرعون من يكفيهم ويسد رمقهم فقط ولديهم البيت الذى يستريحون فيه ، وهذا يكفيهم فهم لا يريدون أن يمتلكوا المعدات ويزرعوا الأراضى ويقيموا الصناعات ويعيدوا إنشاء حياة مدنية مرة أخرى ، لذلك كانوا يخافون فتح أبواب المدينة .
ولذلك كنا نضطر إلى إقتحام المدينة وفور دخولنا إليها يخرج إلينا عدد كبير من السكان بأدوات الزراعة الخربة والصدأة ليقاوموا ، ولكن معظمهم يهرب عندما يرى عدد الحيوانات المهول ولكنهم لا يستطيون الفرار عندما يجدون الحيوانات تحوطهم من كل جانب والجنود مقبلين إليهم يمشون ، فمنهم من يفقد الوعى ومنهم من يبلل سرواله ومنهم من يصرخ ومنهم من يبكى ، ولكن فى النهاية عندما نتحدث معهم يتفهمون مقصدنا ونوايانا ويسمحون لنا بأن نساعدهم ، وبعد شهرين من دخولنا القرى ال20 إستطعنا إلغاء نظام المركزية القروية وإنشاء 4 مدن كبرى ، فقد كان النظام يقتضى أن تكون هناك قرية مركزية يحيط بها أربع قرى وتربط بينهم طرق ليست بعيدة وبتوسيعنا للقرى وفتحها على بعضها وإنشاء شبكة مواصلات ضخمة بينها نشأت لنا أربع مدن كبرى ينعم فيها أهلها بالرخاء والسكون والعيشة الهانئة ، ووجدنا أيضا المقاتلين الذين سيقتنون هذه الحيوانات المروضة الكثيرة ، فقد زاد عدد مقتلينا إلى أكثر من 100000 مقاتل كما أن حيوانات الـفيرز المروضة قد أصبحت أحد الرموز الأساسية للسرب فقد إستطعنا ان نخترع لغة لنتواصل معها وهذه اللغة كانت شبيهة إلى حد ما بلغة الإشارة ، فأصبحنا نجند الحيوانات وأصبحت هناك فرق كاملة تتكون بأكملها من هذه الحيوانات بالإضافة إلى مقاتل واحد ليتحكم فيها ، و بعد إنقضاء تلك السنة التى فرضت فيها حالة الطوارئ فى المستعمرة كانت قد كثرت القرى والمدن الصغرى بين مدننا الخمسة الرئيسية : المقر ، فارن ، إيفيرن ، فارين و إيفير فنشأت ما تسمى بـمملكة السرب .
وبعد أن انقضت حالة الطوارئ فى المستعمرة ، قررت الحامية العسكرية إلغاء قانون التقشف و إلغاء الحماية المشددة على المدينة و إنطلاق الحملات الكثيفة لإبادة الحيوانات المتوحشة التى كانت فى الحقيقة لا تتواجد إلا فى أقفاصنا فنسلطها عليهم متى شئنا و نمسكها عنهم متى أردنا .
وعندما عادت حركة السفن الفضائية من وإلى الكوكب ، كشف أمرنا وحاولوا قصفنا من الفضاء بصواريخهم ولكن فى تلك السنة التى لم يكونوا على دراية باى شئ فيها قد كنا أستطعنا الإستيلاء على إحدى السفن التجارية وسافرنا إلى كواكب كثيرة وجمعنا العديد من العلماء و المثقفين والمبتكرين والعباقرة الذين لم يوفهم الإتحاد حقهم وقمنا نحن بتوفيتهم حقهم فقاموا بالإبداع فى عملهم ، فأنشانا سفننا الخاصة التى لها خواص رهيبة و بها تكنولوجيا متطورة بأجيال عديدة عما يتوافر لدى الإتحاد ، واصبح لدينا العديد من الآليات المتطورة و الأنظمة الحربية وأنظمة الزراعة والإستعمار والإستفادة من الأراضى والعديد من الأشياء التى تتقدم بأجيال عما يتوافر لدى العدو .
لذلك فقد فشلت كل محاولاتهم فى اجتياحنا من الفضاء ، فأعلنوا حالة الإستنفار فى المستعمرة وقرروا محاربة ما أسموه بـالعدو الجنوبى فجندوا كل من استطاعوا تجنيده لمحاربتنا واستطاعوا تكوين جيش مهول به أكثر من مليون مقاتل بآلياتهم وأنظمتهم الحربية كما أنهم طلبوا إمدادات ودعم من كوكب الأرض لمساندتهم ، فى الحقيقة أنا أعلم أن كل ما أعدوا له سيفشل وسيهزمون شر هزيمة لأننا استطعنا ترويض نوع من الحيوانات يدعى الـزيفارد وهى حيوانات تشبه الماموث إلى حد كبير ، وبهذه الحيوانات مُنحت القدرة لمقاتلينا بقطع مسفات طويلة بسرعة .
وكانت الخطة كالآتى و التى تعتمد على إمتلاكنا ل500000 مقاتل و 10 ملايين فيرز و 25000 زيفارد و500000 آلية بمقاتليها، فى البداية يُسلح أهل المدن ويتم تشغيل أنظمة الحماية الآلية و اعلان حالة الإستنفار فى المملكة ، و سيتم تقسيم الجيش إلى أربعة أجزاء جزء سيواجه الجيش المعادى فى المعركة و هذا الجزء سيتكون من 5 مليون فيرز و 5000 مقاتل و 5000 آلية ، وجزء آخر مماثل للسابق يركب الناقلات البحرية ويحاول إقتحام المدينة من جهة المحيط الشرقى ، و جزئين يتكونان من باقى الجيش مقسوما بنسبة 3:1 بين الجزئين ويعبران الأدغال الغربية وينفصلان فيهاجم الأصغر المدينة من الجهة الغربية والآخر يهاجم إستراحة عاطف ويظل بها حتى تنتهى المعركة مع الجزء الأول فإذا فزنا انطلق إلى المدينة وإذا خسرنا إنطلق إلى القواعد العسكرية والقرى فاحتلها ومكث بها حتى يأتى خبر المعركة مع الجزء الثانى والثالث فأذا كانت لنا الأفضلية انطلق إلى المدينة من البوابة الشمالية و إذا كنا فى موضع الخسارة انقسم إلى نصفين بالتساوى يهاجم أحدهما البوابة الشرقية الشمالية والآخر يهاجم البوابة الغربية ، يعمل الجزء الأول على تأخير الجيش المعادى واستنزاف قوته فإذا أنهى المهمة بنجاح ينسحب ويُبلغ الجزء الرابع بفوز الجزء الأول ، وإذا لم تنجح المهمة ينسحب ويُبلغ الجزء الرابع بفشل الجزء الأول و إذا كانت هناك أمكانية لتقدم الجزء الأول إلى المدينة دون خسائر كبيرة فليتقدم إلى المدينة معلنا فوزه للجزء الرابع .
وعندما بدأت المعركة كنت أنا على رأس جزء خامس يتكون من 5000 فيرز وأنا فقط ، و كنت مع الجزء الأول أقف فى ظهره ، وعندما التحم الجيشان وبدأ القتال التففت حول أرض المعركة و هاجمت الجيش المعادى من الخلف ، وحصلت على انتقامى عندما أسرت أحد قادة الجيش الذى كان فى الحقيقة هو قاتل أبى وأخى ، وانسحبت بحيواناتى من ميدان المعركة وانطلقنا نحو المدينة وعندما وصلت إلى المدينة وجدت البوابة الجنوبية شبه فارغة فالحرس الذين كانوا يقفون عليها هم قلة قليلة يسهل القضاء عليهم ، وبهذا دخلت المدينة وحررت كل الأسرى فى السجون ووجهتهم نحو البوابة الشرقية فانضموا إلى المعمعة هناك وقاتلوا معنا ضد الأعداء ، وانطلقت أنا إلى البوابة الغربية لأنضم إلى الجزء الثالث فى مواجهة الأعداء ، وما أن انتهيت المعركة فى البوابة الغربية بانتصارنا حتى أمرت الجزء الثالث بالتوجه إلى مطار المدينة وذلك للترحيب بالإمدادات القادمة من الإتحاد والاستيلاء عليها ، وتوجهت أنا و جزء صغير من الجزء الثالث إلى البوابة الشمالية وقضينا على القوات الحامية لها وتركت الجزء الذى رافقنى هناك لينضم للجزء الرابع عند مجيئه وليحمى البوابة فى حال هجوم القوات المعادية الشمالية على المدينة إذا علموا بدخولنا لها ، وانطلقت أنا مرة أخرى إلى البوابات الجنوبية وظللت هناك حتى جائتنى الأخبار من الجزء الأول بإنسحاب الجيش المعادى ، فأمرت الجيش الأول بالتقدم وملاحقتهم حتى المدينة ، وبعد إصدارى هذا الأمر مباشرة جائنى خبر هزيمة الجيش الحامى للبوابة الشرقية و هذه كانت الأخبار الجيدة .
فبرغم انتصار الجزء الثانى إلا أنه قد تعرض لخسائر ضخمة وكبيرة و عندما انضم إلي لحماية البوابات الجنوبية لم يكن عددنا كافى للتصدى لأى هجوم من الجيش المنسحب الذى يرغب فى الدخول إلى المدينة ليحتمى بها ، كما أنه إن وصلت إمدادات إلى المطار وكانت الأعداد كبيرة فلن نستطيع التصدى لها وقد نخسر هذه الحرب ، وهذا ما أصابنى بالقلق وأصبحت أجلس فوق الأسوار الجنوبية أنظر إلى الأراضى الشاسعة أمامى و أتمنى أن يصل الجزء الرابع بسرعة إلى المدينة قبل أن يصل الجيش المنسحب .
ولكن القلق لم يدم فالرسول القادم من الجزء الأول أوصل إلينا خبر انتهاء الجيش المعادى وأن الفلول المنسحبة الهاربة إلى المدينة لن تكون كبيرة ، وأن الكثير منهم قد توجه إلى الأدغال الغربية و البعض الأخر توجه إلى المحيط الشرقى و أن قوات الجزء الأول متوجهة الآن نحو المدينة ، فأثلج هذا الخبر صدرى و عاد إلي الهدوء والإستقرار النفسي .
وما إن وصل الجزء الأول إلى المدينة حتى أمرت جزءا منه بالتوجه إلى مركز المدينة ومحاصرته وأسر من فيه من قيادات الحامية العسكرية و الموظفين ، والجزء الآخر تفرق أجزاء أنطلقت إلى حماية البوابات و محاصرة المبانى المهمة و أسر الجنود المعادون وجمع الجرحى والغنائم ، و هكذا وقعت مدينة نڤر فى يد السرب بعد حرب إستمرت لمدة يوم كامل - واليوم على كوكب نڤاريا يتكون من 48 ساعة - .
وبعد هذا قررت أن أنتقم من قاتل أبى و أخى والذى كنت قد أسرته وأسرت جميع أبناءه الذين كانوا قادة لكتائب من الكتائب المعادية ، ولأننى حتى الآن لا أستطيع أن أنسى المنظر البشع المؤلم فأنا راغبة بكل جوارحى فى قتل أبناءه كلهم أمامه ، وتعذيبه بعد ذلك ليموت ببطء .
ولمعة الرغبة فى الإنتقام المخلوطة بنشوة الإنتصار والجنون فى عينى لم تخفى على خالد صديق أبى الصدوق ، فجاء ووضع يده على كتفى وقال : يا بنيتى أمامنا حرب طويلة فهذه لم تكن سوى البداية ، يا بنيتى لا تدعى حلاوة النصر تنسيكى مرار الظلم ولا تدعيها تقودك إلى الغرور والتكبر ، ولا يغرك نصر اليوم فقد تجدى الغد قد أعد لك هزيمة فاستعدى لمواجهتها ، ولا تنسى ما رباك عليه أبوك وما ينص عليه دينك ، و العفو من شمائلك فلا تفقديه ولا تأخذى الولد بوزر أباه ، والله يحاسب الجميع فى النهاية .
فقلت له و عيونى تجود بالدموع : لا أستطيع النوم إلا وأنا أحلم بما حدث ، وإن نمت تكررت الواقعة فى أحلامى ، ولا أستطيع أن أسهو لحظة لأفكر فى الغد والمستقبل إلا وطاردتنى أشباح الماضى وذكرياته ، أرى أبى يوميا فى وجهك وفى وجوه مجلس الحكماء وأرى أخى العزيز فى وجه كل مقاتل يسعى للحرية ، أتدرك معنى أن تعيش فقط لأجل الإنتقام ؟ لن أتركه هو و أبناءه ، لن أتركه أبدا .
شجعنا بتعليقك