مشروع رواية : الفصل الرابع و الخامس

كُتبت بواسطة
فرح النصر وفشل الإنتقام وغضب
رميت كلماتى ومشيت بسرعة من أمامه وأنا أمسح دموعى وكأننى أعرف ماذا سيكون رده ولم أرد سماعه ، وبينما أنا متوجهة نحو معسكر الإعتقال لأنفذ إنتقامى سمعت نادياً ينادى بأن الجزء الرابع من الجيش لم يصل حتى الآن وأن القلق قد تفشى بين القوات ، فاخذت بعض الجنود وانطلقت نحو الشمال علنى أجد الجزء الرابع فى طريقى ، و لكن لم أجد شئ ، لم أجد أثر لجندى واحد من الجزء الرابع أو حتى لقوات العدو ، وكلما مررت على قرية من القرى الشمالية ال 15 وجدت أن راية السرب قد رُفعت عليها وعندما تسللت أنا ومن معى من جنود إلى القواعد العسكرية المعادية وجدتها فارغة وكأنها هجرت فجأة فالطعام الذى كان قد أعده الجنود كان فى مكانه وكل شئ كان فى مكانه ! وكلما مررنا بقاعدة عسكرية معادية رفعنا عليها الراية وخرجنا لنبحث عن جنود الجزء الرابع ، ولكن لا أثر .
و استمر هذا الحال لمدة يومين متتاليين ولكن لا شئ بالرغم من أن الكوكب قد أصبح خالياً من أى فلول ومن تبقى منهم تم إعتقاله .
وفى فجر اليوم الثالث جائت الأخبار المفرحة ، فالجزء الرابع كان قد إستولى على السفن الفضائية الموجودة فى إحدى القواعد العسكرية المعادية التى استسلمت بعد أن جائها خبر سقوط المدينة وأسر القادة وطارد إحدى سفن الإمدادات القادمة للقوات المعادية إلى الفضاء الخارجى وظل ورائها حتى وصلت إلى مستعمرة كوكب آخر يقع فى نظام شمسى قريب وهذا الكوكب مستعمرة محدثة عمرها 5 سنوات ، واستطاع الجزء الرابع أن يحتل هذه المستعمرة أيضا ويقضى على الإمدادات القادمة من هناك ، و رفع عليها رايتنا وأرسل إلينا سفينة تخبرنا بما حدث .
كان هذ الخبر أكثر الأخبار التى نشرت البهجة والسرور بين القوات ، فسجدنا لله شكراً وأقمنا الحفلات ووزعنا الغنائم ، والناس قد خرجت من المدن الجنوبية تشد الرحال إلى القرى الشمالية لتعمرها .
وبعد أسبوع من الإحتفالات المتوالية قررت أن أذهب إلى معسكر الإعتقال لإنهاء ما بدأته ولكن عندما وصلت إلى هناك وجدت ما أثار غضبى ، فقد وجدت مجلس الحكماء قد نفذ حكم الإعدام على ثلاثة رجال وهم قائد الحامية العسكرية للمستعمرة ومساعديه و أحدهما كان قاتل أبى ، وليس هذا فقط ولكنهم أمروا بنقل باقى الأسرى ومن ضمنهم أبناءه إلى المستعمرة الجديدة والتى أطلقنا عليها إسم سيرن .
كانت هذه الأخبار وقعها مدوى على أذنى وحينها أمرت على الفور بمثول الحكماء أمامى وقررت أن أنفيهم إلى المكان الذى كان سابقا إستراحة عاطف وسحب صلاحياتهم وسلطاتهم وتحديد مكان إقامتهم ، ذلك القرار الذى ندمت عليه كثيرا فيما بعد .
ظلت الأمور على هذا النحو لمدة ثلاث سنوات ، فى خلال هذه السنوات الثلاثة كان الجميع فى السرب قد اكتسب طاقة رهيبة جعلت الجميع ينطلق نحو الاستكشاف و البناء والابتكار ، فأصبح ما كان يدعى سابقا مستعمرة هو مدينة ضخمة تحوى مركز مملكة ضخمة ، فقد انتشر الناس فى أرجاء الكوكب و انطلقوا كذلك إلى سيرن فعمروها وانطلقوا فى أنحاء الكوكب فشيدوا المدن والقرى والحضارة تماما كما فعلوا فى نڤاريا .
خلال تلك السنوات الثلاث تغيرت الأوضاع والأمور فقد أصبحت مملكتنا قبلة لكل أنصار الحق و من جار عليهم عاطف وجنوده وكل من كان يرغب فى أن يعيش حياة كريمة ، فازدهرت لدينا الجامعات والمدارس ، وكذلك الأبحاث العلمية ، والتأريخ والترجمة ، والصناعة و التكنولوجيا ، كما أن العديد من المستعمرات حذت حذونا وانضمت إلينا ، وانضمت إلى حركة النهضة والتطور الضخمة التى نشأت ، فأصبحت مملكتنا تضم 100 كوكب رئيسى ، و200 مستعمرة جديدة .
كل هذا فقط قد حدث فى ثلاث سنوات ، ولكن الأمر لم يدم طويلاً ، فالأمور قد تغيرت الأن ...
الرجوع للحق ... واجب
بعد تحريرنا للكوكب وأسر قوات حاميته العسكرية ومحاكمة قادتها ، توجه إعلام الإتحاد الغير حر والغير موضوعى والغير محايد على الإطلاق بكل من فيه وبكل طاقاته إلينا ، وشنوا علينا حرب إعلامية كبيرة تحمل فى مقتضاها بأننا نحن العدو الحقيقى وأننا أكبر خطر على أمن الأوطان ، وهذا قد قسم أهل وسكان مستعمرات إتحاد الأرض وكواكبه إلى جزئين .
 الجزء الأول لديه عقل ففكر وتدبر وتأمل فى حقيقة الأمور فرأى أن الحرب بين إتحاد الأرض و إتحاد ألفاق هى حرب وهمية قد إتخذها عاطف مبررا وحجة لإغتصابه الحكم و ليمنع أى معارض له من التفوه بأى كلمة و يحصى عليه أنفاسه حتى لا يتم اتهامه بالخائن العميل الذى يسعى لتدمير الوطن ، وهذه هى التهمة الرسمية للمساجين فى سجون الإتحاد فلا يوجد فى السجن مجرم ولا قاتل ولا ظالم ولا فاسد فكل هؤلاء يرتعون فى مناصب الدولة العليا و يلعبون فى مفاصلها و ينشرون سم الفساد ويعيثون فى الأرض الخراب ، فكل واحد فيهم يفضل مصلحته الشخصية على مصلحة الأمة ، والأن بعد ان اتضحت حقيقة الحرب الوهمية التى انتصر فيها إتحاد الأرض منذ زمن كبير ولم تعد الأن سوى حجة انتهت مدتها عندما ظهر خصم جديد ومعارضة جديدة أقوى استطاعت أن تحرر مستعمرة كاملة و تلقن الفسدة فيها درسا لن يُنسى فأصبحت تلك المعارضة هى الخصم الجديد والعدو الجديد الذى لا يفعل شئ سوى المطالبة بحقه والمطالبة بالحرية ، اصبحت تلك المعارضة هى الحجة الجديدة لتكميم المعارضة الداخلية ، وأصبحت العدو الجديد ، العدو صاحب الحق والمطالب المشروعة .
وهذا الجزء إما أنه يتكلم ويقول رأيه وينشره فيقابل بالنقض والعدوان ويسجن أو يقتل ، وإما أن يكتمه ويصمت ، وإما أن يكون عدده كبير فى مستعمرة ما أو كوكب ما فيتسلح ويحذوا حذو الثوار فى نڤاريا ويحرر الكوكب وينضم إلى السرب ، وإما أن يكون عدده قليل فى مستعمرة ما أو كوكب ما فيصبح لديه خياران أن يشد الرحال إلى كوكب ثائر أو مستعمرة ثائرة أو يأتى حتى إلى نڤاريا نفسها أو أن يحاول أن يتكلم وينشر الحق وغالبا لا يجد فائدة فيتخذ الخيار الأول ، وهذا الجزء هو الذى زاد من قوتنا ويظل يزيد منها .
والجزء الثانى اما أنه لا عقل له أو أنه يعرف الحقيقة ولكنها تعجبه ، فيكون هذا الجزء هو وقود الحجة ووقود الحرب على المعارضة ، هذا الجزء هو الجزء الذى تسميه طيور النعاق فى الإعلام بـالمواطن الشريف . 
وهذا الجزء فى الحقيقة لا يفعل أى شئ سوى الدفاع عن عاطف وتضخيم إنجازاته أو صنع إنجازات له من اللاشئ ، وهذا الجزء من النفس البشرية هو سبب هلاك أى أمة ودمار أى حضارة ، فهو يعطى الفرصة للفسدة والطغاة بالإستمرار فى فسادهم وطغيانهم .
و بعد ثلاث سنوات من حروب الإتحاد الداخلية ، ونهضتنا وتطورنا الضخم الهائل ، أصبح السرب أكثر قوة بكثير من الإتحاد ، ولكن ليس الشعب هو الحاكم الحقيقى لذلك إن كانت هناك حرية فهى حرية مصطنعة لذلك شعرت بتأنيب الضمير ، وقررت أن أعيد الحكم لأصحابه . 
فذهبت إلى مجلس الحكماء وطلبت منهم أن يسامحونى على ما فعلت و أصدرت القرار بعودة صلاحياتهم و عودة المجلس لمباشرة أعماله .
وبعد هذه الخطوة طويت فى أعماق نفسى قراراً بأن أعلن قيام جمهورية نڤاريا لتحل محل مملكة السرب ويكون الحكم الحقيقى فيها للشعب ، ولم أخبر أحداً بهذا القرار سوى صديق يدعى عُمر وهو أحد القادة الشباب المنتمين للسرب .


شارك هذا الموضوع

شجعنا بتعليقك

أحدث مواضيع إفهمنى

حبايبنا

بإيدك تغير

إفهمنى